لمحة مُختصرة عن فصائل الدم

لمحة مُختصرة عن فصائل الدم


في سابق الدهور و حينما كانت تندلعُ المعاركُ بين الأمم و الشعوب ، كان يسقط في تلك الحروب الطاحنة آلاف القتلى وأحياناً الملايين بسبب عدم توفّر إمكانية العلاج لجرحى الحروب .. فتكون نهايتهم غالباً بالوفاة ، وحتى حينما كان يفقدُ أحدُ المُصابين جزءاً كبيراً من دمه ويُعطى دماً إضافياً من أحد المُتبرعين فإنه كان غالباً ما يموتُ على الفور في مشهد لفت نظر العلماء والباحثين إلى سرٍ يكمنُ وراء دم كلِّ إنسانٍ يستحيلُ معها قبول دمٍ غير دمه.
وأخيراً تم الاكتشاف في نهايات القرن التاسع عشر الميلادي في غمرة الحروب الأوروبية معززاً معها فرص النجاة لآلاف الجرحى والمُصابين. تم اكتشاف فصائل الدم. فعلى أي أساسٍ يستندُ هذا الاكتشاف؟!
وجد العلماء و الباحثين وجود نوعٍ من البروتينات على سطح كريات الدم الحمر يُعرف بالعربية بـ (مولِّد المُضاد) وفي لغة الطب بـ (Antigen) .. ووجدوا أيضاً وجود ما يقرب من 256 نوعاً من (مولِّد المُضاد) أو (Antigens) وهذا ما ساعدهم على ابتكار 26 تصنيفاً معروفاً لفصائل الدم .. أشهرها على الإطلاق التصنيف العالمي :
(A-B-O System) و كذلك التصنيف المنسوب إلى القرد الريزيزي:
(Rh System) .. وقبل أن نخوض في تفصيلٍ لخصائص كُلِّ نوعٍ من الأنواع السابقة سنُعطي لمحةً عن البروتين الأساس في هذه التصنيفات "مولد المُضاد" .

تفاعلات مولد المضاد و الجسم المُضاد (Antigen-Antibody Reactions):
يوجدُ على سطح كُريات الدم الحُمر نوع من البروتينات يُسمى بمولد المضاد . ينتجُ مولِّد المُضاد عن جينٍ (gene) متواجد على الذراع الطويل للكروموسوم التاسع ، ويرثُ الإنسانُ نوع هذا الجين من والديه عبر آلية احتمالاتٍ معروفةٍ لدى علماء الوراثة.
ويظهر عملُ مولد المُضاد حينما يتعرض (antigen) لجينٍ من نفس نوعه فعندها أو بعبارةٍ أخرى حينما يكون مولِّد المُضاد متعرِّفاً على هذا النوع من الجينات فإنه يولِّدُ لدى الجسم البشري ردَّة فعلٍ مُضادَّةٍ تدفعهُ لتكوين أجسام مُضادةٍ (antibodies) لهذا الجين.. وبالتالي يتم القضاء على هذا الجين الغريب كما هو الحال في تعامل الجسم البشري مع البكتيريا والأجسام الغريبة و تأخذُ هذه العملية منحنىً طويلاً و أساليب عدة يصعبُ شرحها على غير طلبة العلوم الطبية .. ولكن في حالة حقن الجسم البشري بدمٍ يحملُ جيناتٍ يتعرفُ الجسم البشريُّ عليها فإن هذه العملية تتم بشكلٍ أعنف ينتجُ عنها صدمة وقائية (anaphylactic shock) تؤدي في الغالب إلى الوفاة ما لم يتم التعامل معها سريعاً .. وهذا يُفسر الوفيات التي كانت تُحقن بالدماء أثناء الحروب الأوروبية قبل اكتشاف فصائل الدم.

فصائل الدم حسب نظام (A-B-O System) :
استناداً إلى مولِّدات المُضادات فإنه يمكن إيجاد أربعة أقسام من فصائل الدم حسب النظام المذكور أعلاه هي : A – B – AB – O
• فصيلة الدم A : البشر الذين يحملون هذه الفصيلة يحملون على كُريات دمهم الحُمر مولدات مضادة للجينات من نوع B ؛ ولذلك فإنهم يستقبلون دماء تُماثل فصيلتهم A أو دماءً من فصيلة الدم O و التي لا يحملون ضدها مولدات مُضادة. والنوع الجيني لهذا الدم يكون AA أو OA .
• فصيلة الدم B : البشر الذين يحملون هذه الفصيلة يحملون على كُريات دمهم الحُمر مولدات مضادة للجينات من نوع A ؛ ولذلك فإنهم يستقبلون دماء تُماثل فصيلتهم B أو دماءً من فصيلة الدم O و التي لا يحملون ضدها مولدات مُضادة. و النوع الجيني لهذا الدم يكون BB أو OB .
• فصيلة الدم O : البشر الذين يحملون هذه الفصيلة يحملون على كُريات دمهم الحُمر مولدات مضادة للجينات من نوع A وB أيضاً. هذه الفصيلة لا تستقبل دماءً سوى من نفس فصيلتهم O نظراً لوجود المولِّدات المُضادة لبقية الأنواع. والنوع الجيني لهذا الدم يكون OO .
• فصيلة الدم AB : البشر الذين يحملون هذه الفصيلة لا يحملون على كُريات دمهم الحُمر أي مولِّدات مُضادة ؛ ولذلك فإنه يمكنهم تلقي أي دمٍ مهما كان فصيلُهُ . و النوع الجيني لهذا الدم يكون AB .


فصائل الدم حسب نظام (Rh System) : أثناء أبحاث العلماء على نوعٍ من أنواع القرود كان يُسمى بالقرد الريزيزي (Rhesus Monkey ) – وهو قردٌ هنديٌّ صغيرٌ قصير الذيل – اكتشفوا نوعاً آخر من البروتينات الموجودة على كُريات الدم الحُمر أسموه بالعامل D أو بالعامل الريزيزي .
بعض فصائل الدم تتفاعل مع هذا العامل .. و بالتالي تُسمى: دماء موجبة للعامل الريزيزي (Rh +ve) ، وبعض الدماء الآخر لا تُبدي أي شكل من أشكال التفاعل مع هذا العامل و تُسمى: دماء سالبة للعامل الريزيزي (Rh -ve). وهذا يُفسر الإشارة الموجبة أو السالبة التي يحملها كُلُّ فرد بجوار فصيلة دمه بالدمج بين هذين النظامين العالميين الشهيرين لفصائل الدم.

وفي إحصائية أخذتُها من أحد المراجع المذكورة نهاية البحث فإن 85% من جميع الأشخاص البيض استجابتهم موجبة للعامل الريزيزي – فصائل دمهم موجبة – و البقية سالبة. وأما الأمريكيين السود فإن استجابتهم للعامل الريزيزي موجبةٌ بنسبةٍ تصل إلى 95% ، وأما الأفارقة السود فإن استجابتهم حقيقةً 100% موجبةٌ للعامل الريزيزي .



Dr. Master Key




*** المراجع :
*GUYTON and HALL / Human Physiology and Mechanisms of Disease.
*Joseph D. Sweeney, M.D. and Yvonne Rizk, M.D. /Clinical Transfusion Medicine